بدأ حياته في زراعة البطاطا، رجل عصامي ابن عصامي ابن مصطفى طلاس، معروف هو ووالده بأخلاقه العالية ونظافة اليد وأعماله الخيرية، شق طريقه في عالم الأعمال الصعب بهدوء وروية بعيدا عن الضجيج الإعلامي، إنه المناضل فراس طلاس، عبد الدافش نكاشة التقاه في مقر إقامته بالرستن حيث يرأس الذراع الاقتصادية للجيش الحر، وكان الحوار التالي.
- أستاذ فراس، يرجى أن تعطينا نبذة عن حياتك
بدأت حياتي بزراعة البطاطا، رغم أن والدي نصحني أن أعمل بمجال الوساطات بين القطاع الخاص وبارونات القطاع العام المتنفذين، لكنني فضلت البطاطا بسبب ذكريات الطفولة، حيث ولدت وفي فمي حبة بطاطا ذهبية، اكتشفت لاحقا أنها اكتسبت هذا اللون كونها مقلية بزيت عافية، وبدأت بزراعة دونم كامل، إثر قرض من الاتحاد العام للفلاحين، وفشلت التجربة بسبب موسم الجفاف في حينها، لم أستسلم وأعدت الكرّة وزرعت دونمين بالشراكة مع فلاحين إثر قانون الإصلاح الزراعي الذي يحارب الإقطاع، وفشلنا للأسف مرة أخرى بسبب وباء أصاب المحصول، لم أستسلم وأعدت الكرّة وهذه المرة زرعت ثلاث دونمات بدعم من الأمن السياسي في الرستن وأثمر صبري عن النجاح هذه المرة، وتم إغلاق سوق الهال بالصدفة في سنتها، ورب ضارة نافعة إذ ارتفع سعر البطاطا بشكل جنوني في حينها ووصل سعر برميل النفط، عفوا شوال البطاطا إلى 80 دولار أمريكي لمزيج برنت، وهكذا كسبت أول مليار ليرة في حياتي، وكما يقال، أول مليار أصعب مليار.
- أستاذ فراس، ما رأيك في مشاركة والدك السيد مصطفى في مجزرة حماة في الثمانينيات؟
هذا سر أكشفه لأول مرة، والدي لم يدخل حماة في حياته، وفي الثمانينيات، قضى والدي ستة أشهر كاملة على طريق معربا مختبئاً في كازينو “الماسة البرونزية”، وقد اختار والدي كازينو الماسة لأنه معروف بتقاه ولذلك لن يخطر على بال الإخوان المسلمين أن يكون والدي مختبئا في كازينو.
- أستاذ فراس، لكن والدك تحدث بإسهاب في مذكراته عن مشاركته بكل الأعمال العسكرية والمدنية والجنسية للنظام
هذا خطأ تاريخي، المذكرات المنشورة هي باسم دار طلاس للطباعة والنشر، وهي من تأليف سيدة تدعى “الطبعة الأولى” إلا أن خطأ حدث في عملية الطباعة (يتوقف الحديث قليلا بسبب القصف المدفعي على الرستن، يستل السيد فراس قاذفه الآر بي جي، يطلق تكبيرة ثم يرسل قذيفة تخترق ثلاث دبابات للجيش، يمسح عرقه، يشعل سيكارة ويتابع الحديث)، كما تعرف الموظفون في دار طلاس أحبوا والدي بشكل استثنائي فقام أحدهم بوضع اسم والدي على المذكرات بدلا من الأخت الطبعة، ومن وقتها والناس تظن مخطئة أن المذكرات هي لوالدي أدام الله في عمره.
- أستاذ فراس، ما سبب السمعة العطرة لوالدك في مجال العلاقات النسائية؟
كنت دائما أفكر بهذا الموضوع، من يعرف والدي عن قرب يعرف مدى تقاه وصلاحه، وأنا طبعا سرت على نهجه، كنت أستيقظ في الليل فأجد والدي مطوبزا راكعا من خشية الله والدموع تنهمر من عينيه، كان يصلي الصلوات الخمس والشفع والوتر وقيام الليل والضحى والسنن جميعها، كان يحج رمضان بانتظام ويصوم من استطاع إليه سبيلا، ويذهب إلى الكنيسة كل جمعة وإلى الجامع كل أحد، أما الحديث عن علاقاته النسائية فهو كلام مغرض، ولد أبي عفيفا وسيموت عفيفا.
- أستاذ فراس، سنعود الآن إلى حديث الساعة، ما قصة انشقاق أخيك مناف عن النظام؟
(يتنهد)، أخي مناف من أشد المعارضين للنظام منذ زمن بعيد، اعترض مناف على ثورة الثامن من آذار، ووقف ضد الحركة التصحيحية، شجب دخول الجيش السوري إلى لبنان، وانتقد بشدة أحداث الثمانينات، لم يوافق على إرسال قوات إلى الكويت في حرب الخليج، وندد دائما بالفساد، حارب التوريث، واستنكر اغتيال الحريري، وعندما بدأت الثورة في درعا، كان يلف على وجهه كوفية ويتظاهر في مكتبه ويهتف “مناف يريد خلافة النظام”.
- أي أن قصة انشقاقه حقيقية؟
(يصمت الأستاذ فراس قليلا)، في الحقيقة، ما نزال بانتظار موقف واشنطن وطهران وموسكو والرياض وأنقرة ولندن، إذا كان له دور في الحكومة الانتقالية فسنقول إنه انشق عن النظام، أما إذا لم يكن له دور فسنقول إنه كان متجها إلى مطار القامشلي ولكن قائد الطائرة خربط وتوجه إلى مطار شارل ديغول.
(يقاطعنا الأستاذ فراس) آسف عن إكمال الحوار، اليوم هناك محاولة لاقتحام القصير، وأنا مضطر للذهاب للالتحام بشعبي (يستل الأستاذ فراس مدفع هاون وقشارة بطاطا ويتوكل على الله).
11 يوليو 2011