سؤال سوري طويل

 

 

هذا السؤال الطويل موجه إلى فئة أثار امتعاضها نيل عيسى الخضر جائزة سمير قصير وليس إلى جميع المعترضين على فوز الخضر بالجائزة ومنتقدي ما بدر عنه.

eggs1
أطباق بيض سورية.. الصورة مقتبسة عن تعليق ساخر لعبد الله الأصيل

 —-

لماذا ينتفض البعض في وجه شتيمة ذكورية بذيئة ويقبلون بكل بساطة أن يشكك أحدهم أو إحداهن في هوية الطرف المرتكب لمجزرة الكيماوي الشهيرة في الغوطة عام 2013 (ضمن ضحاياها مئات من النساء السوريات)؟  من الذي يحدد ما هو مقبول وما هو غير مقبول بتاتاً؟

ولماذا ينتفض هؤلاء في وجه شتيمة ذكورية على اعتبارها فعلاً شائناً (وهي كذلك طبعاً) ولا يرون ما هو شائن في إنكار انتهاكات ارتكبتها وحدات الحماية الكردية ترقى وفق تقارير منظمات حقوقية دولية وسورية إلى جرائم حرب؟ (دع جانباً مناصرة ضمنية وعلنية، من قبل منتفضات على الشتائم الذكورية، لهذه الوحدات).

 لماذا تضم مجموعة صحفيات سوريات باحثات عن المساواة الجندرية صحافياً دأب ليس على إنكار الانتهاكات المشار إليها آنفاً وحسب بل وعمل على إصدار رواية مضادة تدافع عن مرتكبي الانتهاكات وتنفي ما وُثّق بحقهم (ضمن ضحايا هذه الانتهاكات آلاف من نساء سوريات)؟

لماذا ينتفض البعض ذاته على موجّه شتيمة ذكورية ويخنع في وجه اختيار سيدة سورية، ترى في رامي مخلوف صاحب أياد بيضاء، لتمثيل السوريات في مجلس استشاري نسوي سوري؟ أو في وجه اختيار أخرى، تتبوأ منصباً مرموقاً في ماكنة النظام الإعلامية التي ما فتئت تشوه صورة سوريات كثيرات وتبيض جرائم النظام بحق سوريات أكثر، لعضوية المجلس ذاته؟ أو في وجه انتقاء ثالثة ضمن المجلس لا تخفي إعجاباً بحافظ الأسد (سأكرر بشكل مضجر أن من ضحايا الأخير عشرات آلاف السوريات)؟ هل تريدون أن نكمل في استعراض سير هؤلاء الاستشاريات وأفعالهن التي لم ينتفض بوجهها معترضون على عيسى الخضر؟

كيف يكون من المقبول ألّا ينفك كاتب كردي يصف من لا يوافقونه وجهات نظره من أبناء جلدته الأكراد بأنهم “جحوش كردستان”، في وصف تعميمي يستبطن قبول، إن لم تكن دعوة إلى، قمع هؤلاء وإخراسهم؟ ولماذا لا ينتفض أحدهم بوجهه معترضاً على الجهات الإعلامية التي تنشر له مقالات دون أن يقدم اعتذاراً عن هذا الوصف؟ وكيف يعترض بعضهم اعتراضاً محقاً على عنصرية عربية تجاه الأكراد ويقبلون أكراداً بعنصرية مضادة تجاه العرب؟

ولماذا ينتفض هؤلاء في وجه شتيمة ذكورية ويقبلون في المقابل أن يعبر آخرون ضمناً أو صراحة عن رغبتهم في انتصار النظام الأسدي، أي النظام الذي ارتكب من القتل والتهجير والاعتقال والتعذيب ما لم ترتكبه جهة في سوريا، بما يشمل طبعاً انتهاكات ذات طابع ذكوري تبدأ من الشتائم الذكورية ذائعة الصيت ولا تنتهي عند عمليات اغتصاب ممنهج وإعدام ميداني؟ (باستطاعتي هنا الإشارة إلى حالة مثلاً تقدم صاحبتها نفسها بصفتها نسوية معارضة وعبرت عن رغبتها في انتصار النظام.. نعم انتصار النظام وليس مثلاً إشرافاً دولياً يحول دون استيلاء أي جهة معينة على السلطة ويضمن وانتقالاً سياسياً ديمقراطياً ومسار عدالة انتقالية يحاسب كافة المجرمين من أي طرف كانوا).

وأخيراً، لماذا ينتفض هؤلاء في وجه شتيمة ذكورية صادرة عن شاب في الرابعة والعشرين قضى سنواته الست الأخيرة في سوريا الثورة والحرب والتنظيمات الجهادية (هذا لا يعني أن شتيمته مقبولة بأي حال من الأحوال) ويبدي بعض المنتفضين أنفسهم إعجاباً بـ وتفاعلاً مع ودفاعاً عن خمسينيين مكرسين يوجهون شتائم ذكورية بشكل شبه يومي (دون أدنى مبالغة)؟ هل ترغبون بأمثلة؟

لماذا تكون الشتيمة الذكورية جرماً لا يمكن السكوت عنه وكل ما أوردته مجرد تعبير عن رأي مغاير؟

إما أن تكون معترضاً على كافة التصرفات المذكورة أعلاه، أو أن تكون معترضاً على بعضها فقط، وهذا ما يجعلك ذا معايير مزدوجة تقف على ضفة تمييز وإجحاف، لا على ضفة عدالة ومساواة. هذا ما يجعلك وفق تقديري المتواضع جداً واحداً من أولئك السوريين البيض بشكل أو بآخر. (المصطلح الأخير للكاتب ياسين الحاج صالح).

Leave a comment