————————-
- شهور الصيف قاربت على الانتهاء، المشرفون علينا في معهد الأسد لتحفيظ القرآن الكائن في حي “المطار” بمدينة درعا قرروا إجراء مسابقة ختامية لحفظ القرآن، وأعلنوا فترة أسبوعين ستكون فيها دروسنا اليومية عبارة عن مراجعة لما حفظنا تحضيراً لليوم العظيم. كان الخبر سارّا بالنسبة لي، فعدم حفظ المزيد من آيات الذكر الحكيم يعني القدرة على المراوغة أمام الوالد في المنزل. أسبوعان كاملان كان الوالد يعتقد خلالهما أنني أثابر على درسي الديني اليومي، فيما كنت أقضيهما في باحة قريبة من المسجد ألعب الفطبول مطبقاً مقولة السيد الرئيس “إني أرى في الرياضة حياة”. كان أساتذة المعهد يرونني من بعد أركل الكرة وأصرخ وأجري غير عابئ بشيء ويحوقلون أسفاً على ضلالي المؤقت. جاء موعد المسابقة، كنت ضمن المشاركين في فئة حفظة جزأين من القرآن الكريم- جزأي عمّ وتبارك. تربعت بخشوع مقابل الأستاذ المشرف الذي اختار لي أصعب سورة في جزء “تبارك” لأتلوها عليه غيباً وهي سورة “الجن”. بدأت التلاوة: قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن…
كان المشرف ممتعضاً من ترتيلي الجيد واستذكاري الممتاز، حاول الرد بأن طلب مني أن أكمل من منتصف السورة الأصعب في جزء عمّ- سورة “المطففين”، واستأنفت من حيث توقف: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.. كان الأخ المشرف يداعب لحيته بامتعاض وهو يستمع إلي أكر أمامه الآيات كشريط تسجيل. بعد أيام تم إعلان النتائج: ملاذ الزعبي في المركز الثاني لفئة جزأي عمّ وتبارك رغم عدم ارتكابه أي خطأ ولكن تم إنزاله مرتبه لعدم حضوره والتزامه في الأسبوعين الأخيرين.